المجاز العقلي
الأمثلة :
1. قال المتنبي يصف ملك الروم بعد أن هزم سيف الدولة :
ويمشى به العكاز في الدير تائباً وقد كان يأبى مشى أشقر أجردا (2)
2. بني عمرو بن العاص مدينة الفسطاط .
3. نهار الزاهد صائم وليله قائم .
4. ازدحمت شوارع القاهرة .
5. جد جِدك وكد كِدك .
6. قال الحطيئة :
دع المكارم لا ترحل لبغيتها وأقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي .
7. وقال تعالي : "وإذا قرأت القرآن جعلنا بينك وبين الذين لا يؤمنون بالآخرة حجاباً مستوراً " .
8. وقال تعالي : " إنه كان وعده مأتيا " .
البحث :.
انظر إلي المثالين الأولين تجد أن الفعل في كل منهما أسند إلي غير فاعله ، فإن العكاز لا يمشى ، والأمير لا يبنى ، وإنما يسير صاحب العكاز ، ويبني عمال الأمير ، ولكن لما كان العكاز سبباً في المشي والأمير سبباً في البناء أسند الفعل إلي كل منهما .
ثم أنظر إلي المثالين التاليين تجد أن الصوم أسند إلي ضمير النهار ، والقيام أسند إلي ضمير الليل ، والازدحام أسند إلي الشارع ، مع أن النهار لا يصوم ، بل يصوم من فيه ، والليل لا يقوم ، بل يقوم من فيه ، والشوارع لا تزدحم ، بل يزدحم الناس بها ، فالفعل أو شبهه في هذين المثالين اسند إلي غير ما هو له ، والذي سوغ ذلك الإسناد أن المسند إليه في المثالين زمان الفعل أو مكانه .
وفي المثال الخامس أُسند الفعلان " جد " و " كد " إلي مصدريهما ولم يسندا إلي فاعليهما . وفي المثال السادس يقول الحطيئه لمن يهجوه : " واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسي " فهل تظن أنه بعد أن يقول : لا ترحل لطلب المكارم يقول له إنك تطعم غيرك وتكسوه ؟ لا . إنما أراد أقعد كلاً (1) علي غيرك مطعوماً مكسواً فأسند الوصف المسند للفاعل إلي ضمير المفعول .
وقي المثالين الأخيرين جاءت كلمة " مستوراً " بدل ساتر و" مأتيا " بدل آت ، فاستعمل اسم المفعول مكان اسم الفاعل ، وإن شئت فقل أسند الوصف المبني للمفعول إلي الفاعل .
فأنت تري في الأمثلة كلها أن أفعالاً أو ما يشبهها لم يسند إلي فاعلها الحقيقي ، بل إلي سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره ، وأن صفات كانت من حقها أن تسند إلي المفعول أسندت إلي الفاعل ، وأخري كان يجب أن تسند إلي الفاعل أسندت إلي المفعول ومن الهين أن تعرف أن الإسناد غير حقيقي ، لأن الإسناد الحقيقي هو إسناد الفعل إلي فاعله الحقيقي ، فالإسناد إذا هنا مجازى ويسمي بالمجاز العقلي ، لأن المجاز ليس في اللفظ كالاستعارة والمجاز المرسل ، بل في الإسناد وهو يدرك بالعقل .
القواعد :.
المجاز العقلي
هو إسناد الفعل أو ما في معناه إلي غير ما هو له لعلاقة مع قرينة مانعة من الإسناد الحقيقي .
الإسناد المجازى يكون إلي سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره ، أو بإسناد المبني للفاعل إلي المفعول أو المبني للمفعول إلي الفاعل .
نموذج
1- قال أبو الطيب :
أبا المسك أرجو منك نصراً علي العدا وآمل عزاَ يخصب البيض بالدم (1)
ويومـاً يغيـظ الحاسـدين وحالـةً أقيم الشقـا فيها مقام التنعم (2)
2- قال تعالي : " لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم " .
3- ذهبنا إلي حديقة غناء .
4- بني الحكومة كثيراً من المدارس بمصر .
5- قال أبو تمام :
تكـاد عطايـاه يجن جنونهــا إذا لم يعوزها برقية طالب (3)
الإجابة
1- " ا " عزاً يخضب البيض بالدم .
إسناد خضب السيوف بالدم إلي ضمير العز غير حقيقي لأن العز لا يخضب السيوف ولكنه سبب القوة وجمع الأبطال الذين يخضبون السيوف بالدم ، ففي العبارة مجاز عقلي علاقته السببية .
"ب" ويوماً يغيظ الحاسدين .
إسناد غيظ الحاسدين إلي ضمير اليوم غير حقيقي ، غير أن اليوم هو الزمان الذي يحصل فيه الغيظ : ففي
الكلام مجاز عقلي علاقته الزمانية .
2- لا عاصم اليوم من أمر الله .
المعني لا معصوم (1) اليوم من أمر الله إلا من رحمه الله ، فاسم الفاعل أسند إلي المفعول ، وهذا مجاز عقلي علاقته المفعولية .
3- ذهبنا إلي حديقة غناء .
غناء مشتقة من الغن ، والحديقة لا تغني وإنما الذي يغن عصافيرها أو ذبابها ، ففي الكلام مجاز عقلي علاقته المكانية .
4- بنت الحكومة كثيراً من المدارس .
الحكومة لم تبني بنفسها ولكنها أمرت ، ففي الإسناد مجاز عقلي علاقته السببية .
5- تكاد عطاياه يجن جنونها .
إسناد الفعل إلي المصدر مجاز عقلي علاقته المصدرية .